يشكل مهرجان “السجادة الحمراء” لأفلام حقوق الإنسان الذي بدأ مساء الجمعة في ميناء غزة البحري، نافذة للشباب للتعبير عن حلمهم بالحرية في القطاع المحاصر منذ أكثر من عشر سنوات.
ومشى آلاف الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال على السجادة الممتدة على مئة متر، في ما يرمز إلى مرور قرن على وعد بلفور.
ومُدّت السجادة على رصيف الميناء الصغير، فيما كانت مكبرات الصوت تصدح بأغاني الراب التي تنادي بالحرية ورفع الحصار وإنهاء الانقسام الفلسطيني.
وخلا المهرجان في نسخته الثالثة من المشاهير. وفيما تتباهى المهرجانات عادة بالمشاهير الذين يمشون على سجاداتها الحمراء، مثل مهرجان كان الذي تعقد دورته السبعون بعد أيام، يفتخر منظمو هذا المهرجان بأن سجادتهم مخصصة للأطفال والفقراء، وهم “أهم بكثير”، بحسب سائد السويركي أحد المنظمين.
وبدأ المهرجان بعرض فيلم “اصطياد اشباح” للمخرج الفلسطيني رائد أندوني الحائز جائزة افضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين الدولي العام الماضي. وهو يسلط الضوء على المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والذين يخوض أكثر من ألف وخمسمئة منهم إضرابا عن الطعام منذ ستة وعشرين يوما للمطالبة بتحسين أوضاعهم.
نافذة ضد اليأس
وللمرة الأولى، ينطلق المهرجان بعرض أفلام سينمائية في رام الله بالضفة الغربية وحيفا (شمال إسرائيل) بالتزامن مع غزة.
وكان المخرج الفلسطيني خليل المزين الذي لم يتمكن حضور المهرجان السبت بسبب إغلاق المعابر، أطلق مهرجان “السجادة الحمراء” الأول بين أنقاض عشرات المنازل التي دمرها الجيش الإسرائيلي في منطقة الشجاعية شرق غزة بعد أشهر على انتهاء حرب صيف 2014 في القطاع.
ويؤكد سعود أبو رمضان الناطق باسم المهرجان أنه “يكتسب أهمية كبيرة هذا العام لأنه يتزامن مع مرور 100 عام على وعد بلفور المشؤوم، و69 عاما على النكبة، و50 عاما على النكسة (حرب العام 1967) التي انتهت باحتلال الضفة والقدس وغزة”.
ويضيف “المهرجان نافذة للشباب ضد اليأس والإحباط، وفرصة للترفيه عن أنفسهم”.
من بين 120 فيلما متخصصا بقضايا حقوق الإنسان تلقاها المنظمون، يعرض المهرجان أربعين فيلما لمخرجين فلسطينيين وعرب وعالميين على مدى خمسة ايام، وفقا لسعود أبو رمضان.
تعبر تمارا مطر وهي طالبة في الحقوق في الحادية والعشرين من العمر عن ارتياحها لحضور حفل افتتاح المهرجان باعتباره “فرصة سنوية لمشاهدة أفلام”، إذ “لا يوجد في غزة سينما، والأفلام تعرض في هذا الميناء الذي يتعرض للانتهاك والقصف من الاسرائيليين”.
وكان الجيش الإسرائيلي استهدف بالقصف الجوي والبحري الميناء مرات عدة كان آخرها في حرب صيف 2014.
وتقول مطر وهي شابة مسيحية “المجتمع في غزة محافظ، أشعر بالحرية وأنا أشاهد أفلام المهرجان، لأن الحصار وإغلاق المعابر والبطالة والكهرباء أزمات نعيشها في غزة”.
رسائل متعددة الوجهات
وتزيد نسبة البطالة عن 42 % في القطاع الفقير والمحاصر منذ عشر سنوات، وعدد سكانه يزيد عن مليوني نسمة نحو ثلثيهم من اللاجئين.
اما أسعد الصفطاوي (25 عاما) وهو ناشط شبابي، فيرى أن المهرجان “يغير من الصورة النمطية المرتبطة بالعنف والدمار عن قطاع غزة لنري العالم أن فيه شبابا لديه إبداع وحب للحياة”.
ويضيف الصفطاوي “رسالتنا للقيادات الفلسطينية في الضفة وغزة: نريد مساحة للحرية، نريد سينما في غزة تتجاوز المتشددين والانقسام السياسي”.
وحضر المهرجان وريف قاسم، وهو لاجئ سوري يقيم في غزة منذ أربع سنوات، وقد جاء مع زوجته الصحافية مهى.
وقال وريف “نحن كلاجئين سوريين نتقاسم الوجع مع اللاجئين الفلسطينيين، لا دور سينما في غزة، أنا أشعر أن شعب غزة يحب الحياة رغم كل الأزمات”.
وشدد أبو رمضان على أن رسالة المهرجان متعددة الوجهات “لإسرائيل كفى حصارا، وللقيادات الفلسطينية كفى انقساما، وللعالم نحن شعب ليس إرهابيا..نحن نستحق حياة كريمة كباقي البشر”.
وشارك الطفل أحمد أبو جزر ذو العشرة أعوام الذي كان يبيع مناديل على رصيف الميناء، في حفل قص الشريط الأحمر إيذانا ببدء المهرجان، ومشى على السجادة التي كتب عليها باللغة العربية “وعد بلفور” وبالإنكليزية النص الحرفي لرسالة بلفور التي بعثها في العام 1917 وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت آرثر بلفور، ويشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء “وطن قومي” لليهود في فلسطين.