قبل أيام غزت اليافطات شوارع قطاع غزة، وصفحات التواصل الاجتماعي، عن الحدث الأبرز على صعيد الساحة الفنية في غزة وفلسطين، وهو مهرجان “السجادة الحمراء لأفلام حقوق الإنسان“، الذي يعرض لسكان القطاع المحاصر منذ أكثر من 10 أعوام أفضل الأفلام السينمائية العالمية.
في مهرجان “السجادة الحمراء”، ساهمت التكنولوجيا في إيصال الأفلام لغزة، المدينة المحاصرة منذ عقد
المميز في هذا المهرجان الذي يحمل صيت الإنتاج العالمي للأفلام الهادفة، وبأعلى تقنيات جودة الصوت والإنتاج، أن من يمشي على سجادته الحمراء هم أهل المدينة التي تعرضت لدمار وحصار طوال 10 أعوام سابقة، وإن كان فقيرًا وغنيًا وابن شهيد أو أسير، أو من عائلة معتقل أو جريح أو غيره، فهم من يمشون على السجادة، ليس كما يشاهده العالم في المهرجانات العالمية التي تحمل سجادتهم الأسماء العالمية والطبقات الرأسمالية المتحكمة في عالم السنيما.
اقرأ/ي أيضًا: بشار إبراهيم.. الأمل معلّق بالسينما المستقلة
سبق أن حمل المهرجان العام الماضي شكلًا إنسانيًا مميزًا في أسلوب عرضه، عندما فُردت السجادة الحمراء بين دمار وأنقاض حي الشجاعية المدمر، ومشى عليها القائمون على عمله ورافقهم أطفال الحي فرحين لهذا الحدث وسط ذكريات أوجاعهم، وبهذه الطريقة انتشر صيت المهرجان وحظي باهتمام كبير من أبرز المخرجين في العالم خلال تواصلهم مع فريق المهرجان.
وتم الحصول على الأفلام المسجلة في المهرجان بكل سهولة، بعد أن قدموا عرضًا قويًا في مهرجان العام الماضي وسط الدمار في حي الشجاعية، وهكذا كسب القائمون على المهرجان ثقة المخرجين في الخارج، ويقول أحد القائمين على المهرجان، منتصر السبع “لا يمكن لأي مخرج أن يمنحك فيلمه لعرضه في المهرجان إلا إذا كان مهرجانًا قويًا وعلى مستوى عالٍ، وأفلام تكلفتها عالية جدًا، وكان التواصل بكل صدر رحب بالتعامل مع القائمين على أعمال مهرجان السجادة الحمراء”.
وعبر مواقع التواصل الإلكترونية، تم طلب الأفلام من مخرجين عالميين، وفتحوا التسجيل لاستقبال الأفلام من مخرجين في فلسطين وخارجها، هذا ما جعل المخرجين يتواصلون معهم لتسجيل أفلامهم ضمن دور العرض في المهرجان ونقل السينما العالمية إلى غزة، وكان أفضل حل عملي للإرسال هو عبر موقع اليوتيوب في رابط خاص، وهكذا ساهمت التكنولوجيا في إيصال الأفلام للمدينة المحاصرة.
والمؤسف كما وصفه فريق عمل المهرجان هو عدم مقدرة بعض المخرجين العالميين على الوصول إلى غزة، والمشاركة في المهرجان وبين أهالي قطاع غزة في جميع أماكن العرض.، وهم من فرنسا وبريطانيا وبعض البلدان الأوروبية الأخرى، ورغم كل المحاولات إلا أنها باءت بالفشل.
افتتح المهرجان بالفيلم الفلسطيني الذي وصل صيته لأبرز شاشات السينما في العالم وهو “يا طير الطاير”، الذي يحاكي قصة الفنان محمد عساف وخروجه من زقاق مخيم خانيونس في القطاع إلى العالمية، ورغم محاولات الفريق لاستقدام محمد عساف ليفتتح المهرجان بفيلمه إلا أنهم لم يستطيعوا أيضًا.
اقرأ/ي أيضًا: أودري تاتو.. من هو الفنّان؟
ويعرض المهرجان فيلمين من إنتاج غزيّ، الأول هو فيلم “الحلاق” من إخراج محمد أبو شمالة، والآخر، فيلم “سارة” 2014 من إخراج خليل المزين، والذي رشح لمهرجان دبي السينمائي، وكان يتحدث عن أجرأ قضية اجتماعية في غزة، وعن القتل على خلفية الشرف.
ومن الضفة الغربية سيعرض فيلم “3000 ليلة” من إخراج مي المصري، ومن الأردن “شركاء مهرجان الكرامة السينمائي الذين منحوهم مجموعة من الأفلام، بالإضافة إلى فيلم “عالم ليس لنا”، و”السلام عليكِ يا مريم و”ذيب”. وهي أفلام شاركت في مهرجانات عالمية، وخصوصًا فيلم “عشاء للبعض” (إنيميشن) الذي شارك في حوالي 30 مهرجان دولي، وإضافة لأفلام “هؤلاء يشعرون في الحريق”، و”أيس كريم”.
يعرض المهرجان عددًا من الأفلام لأول مرة في فلسطين، وبعض الأفلام تعرض في غزة لأول مرة في الوطن العربي، منها أفلام رُشحت لجائزتي أوسكار وكان، وجميعهم لهم تصنيف، إضافة لحرص اللجنة على اختيار أفلام تتناسب مع ثقافة الجمهور الغزي.
كما كانت غزة المحطة الأولى في العالم لعرض فيلم “العذراء” للمخرجة الفرنسية لويزا، الذي يتحدث الفيلم عن منطقة يتم فيها الفصل بين السكان الذين يتحدثون الفرنسية والإسبانية، ويدور فيه الحديث عن العنصرية، وتعاني البطلة فيه خلال زواجها من شاب يتحدث الإسبانية وهي تتحدث الفرنسية، وتلقى هي تعامل أفضل مما يُعامل هو في الحي الذي يشهد العنصرية.
ويعرض المهرجان لمدة يومين في مسرح “رشاد الشوا الثقافي”، ومن ثم يستكمل عرضه في كافة مناطق قطاع غزة، في شمال القطاع حتى جنوبه، وحتى في قاعات الجامعات في قطاع غزة وبعض المؤسسات المختلفة، ليحقق المهرجان هدفه في إيصال فكرته في جميع المناطق الغزية والمنكوبة منها.